أسماء الحسيني، وكالات (الخرطوم)

اعتبرت قوى إعلان «الحرية والتغيير»، التي تقود الحراك الثوري في السودان أن تعليق المجلس العسكري التفاوض مع المحتجين «قرار مؤسف»، وتعهدت بمواصلة الاعتصام أمام القيادة العامة (لوزارة الدفاع) وكافة ميادين الاعتصام في البلاد، معربة عن مخاوفها من سعي المجلس العسكري الانتقالي إلى التراجع عن الاتفاق النهائي بشأن المرحلة الانتقالية بضغوط من «فلول» نظام الرئيس المعزول عمر البشير.
وكان رئيس المجلس العسكري الفريق أول عبد الفتاح البرهان أعلن تعليق التفاوض حول ترتيبات المرحلة الانتقالية وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية لمدة 72 ساعة حتى يتهيأ المناخ الملائم لإكمال الاتفاق، وطالب بإزالة جميع المتاريس خارج منطقة الاعتصام، وفتح خط السكة الحديد لإمداد الولايات باحتياجاتها التموينية والبترولية، وعدم التصعيد الإعلامي، وتهيئة المناخ الملائم لشراكة حقيقية، لاجتياز هذه المرحلة الحرجة من تاريخ السودان، وعدم التحرش أو استفزاز القوات المسلحة أو قوات الدعم السريع.
واعتبر محمد سيد أحمد سر الختم القيادي بقوى الحرية والتغيير، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن «ندعو المجلس العسكري لمواصلة الحوار وتسليم السلطة للشعب». وأعرب عن اعتقاده بـ«وجود ضغوط من فلول النظام السابق»، ومن سماهم «القوى الداعشية»، في إشارة إلى بعض القوى المتطرفة التي تتجمع تحت لافتة «نصرة الشريعة».
وأضاف سر الختم: «لم نوجه الثوار لإقامة المتاريس الإضافية، بل نحن ضدها، وقد عطلت وصول الطعام للثوار في ساحة الاعتصام». أما محمد حمد سعيد الأمين السياسي لقوى نداء السودان إحدى مكونات قوى الحرية والتغيير فقال: «كان هناك اتفاق لإجراء ترتيبات ليقتصر الاعتصام على ساحة الاعتصام الرئيسة، وكنا كقوى الحرية والتغيير نعمل من أجل ذلك، لكن الاعتصام نفسه لن يفض ما لم نصل إلى اتفاق نهائي».
ومن جانبه، قال محمد الأسباط، المتحدث السابق باسم «تجمع المهنيين»: «يبدو أن المجلس يريد التراجع عن اتفاقه مع قوى الحرية والتغيير».
وأكد قادة الاحتجاج في بيان صدر، أمس، عن قوى إعلان الحرية والتغيير أنهم مستمرون في الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش في العاصمة، بعد أن علّق المجلس العسكري مفاوضاته معهم لمدة 72 ساعة لتهيئة المناخ للحوار. وأضافت القوى في بيان عبر صفحتها على فيسبوك: «التصعيد السلمي حق مشروع لحماية ما انتزعته جماهير شعبنا بنضالها ودماء الشهداء وعرق الثوار وقد صدر بتوافق تام بين مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير قبل انطلاق جولات التفاوض». وتابعت: «قررنا مسبقاً تحديد منطقة الاعتصام، وقمنا بخطوات في ذلك في سبيل ضبط وحدة الحركة الجماهيرية السلمية ومن أجل استمرار تماسكها، وبذلك تنتفي كل مبررات وقف المفاوضات من طرف واحد وهو ما يخل بمبدأ الشراكة وينسف دعاوى التوافق بما يسمح بالعودة لمربع التسويف في تسليم السلطة».
وأردفت: «لقد حققنا من خلال التفاوض مع المجلس العسكري التوافق حول القضايا الأساسية لنقل السلطة للشعب، استكمالاً لمهام ثورتنا، ولتحقيق كافة مطالب جماهير شعبنا، وكانت جلسة أول أمس نقلة متقدمة في مسار التفاوض، عليه سيستمر اعتصامنا بالقيادة العامة وكافة ميادين الاعتصام في البلاد وستتواصل مواكبنا وجداولنا متمسكين بسلميتنا لفضح وعزل قوى الثورة المضادة وتصفية ركائز نظام الإنقاذ وسياساته وقوانينه ومؤسساته القمعية وإنجاز برنامج إعلان قوى الحرية والتغيير».
وأخلت، فجر أمس، آخر مجموعة من المعتصمين موقعها، على بعد خطوات من القصر الرئاسي بشارع النيل في وسط العاصمة الخرطوم، بعد تدخل مباشر من قوى الحرية والتغيير المعارضة، لتكون بذلك قد أزيلت جميع الحواجز التي وضعت منذ يومين في الطرق والجسور الرئيسة في العاصمة الخرطوم. وقال شهود عيان تحدثوا لوكالة الأنباء الألمانية إن المحتجين المعتصمين بالقرب من القصر الرئاسي بشارع النيل منذ يومين، انسحبوا تماماً، فجر أمس، من منطقة الاعتصام، بعد أن نجحت قيادات في تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير في إقناع المحتجين بالتراجع تدريجياً، وصولاً للعودة من جديد إلى مقر الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني.
وكان مسار المباحثات سجل تقدّماً مهماً منذ الاثنين، وكان من المتوقّع أن تتناول المباحثات الأخيرة تركيبة المجلس السيادي، إحدى المؤسسات الثلاث التي ستحكم البلاد خلال الفترة الانتقالية التي اتفق الطرفان على أن تكون مدتها ثلاث سنوات. وتشمل المفاوضات إنشاء مؤسسات تتولى مسؤولية التحضير لنقل كل السلطات إلى سلطة مدنية. وسبق أن توصّل الطرفان إلى اتفاق على تشكيل مجلس سيادي، حكومة، ومجلس تشريعي لإدارة المرحلة الانتقالية.
وستكون الأشهر الستة الأولى مكرّسة للتوصل إلى اتفاقات سلام مع الحركات المتمردة في غرب البلاد والجنوب. وحُددت هيكلية المجلس التشريعي أيضاً، ومن المتوقع أن يضم 300 عضو، 67% من بينهم يختارهم تحالف قوى الحرية والتغيير. وتذهب بقية المقاعد إلى ممثّلين عن قوى سياسية خارج هذا التحالف.
وقلّل القيادي في الحركة الاحتجاجية خالد عمر يوسف من الدور الذي سيكون على المجلس السيادي أن يلعبه، وشدّد على تشكيل حكومة قوية في البلاد.
وقال لفرانس برس «ستكون للحكومة صلاحيات كاملة وسيشكّلها تحالف قوى الحرية والتغيير»، مؤكّداً أنّ التحالف قد يستدعي شخصيات تكنوقراط وأنّ «وزارتا الدفاع والداخلية فقط ستذهبان إلى العسكريين». وشدد يوسف على وجوب وجود مجلس سيادي يتألف بالأساس من المدنيين، بينما يريد العسكريون أن يهيمنوا عليه.